بثت وكالة الأنباء الألمانية منذ عدة أيام خبراً تحت عنوان "اتحاد الكرة الإماراتي يعتزم إشهار رابطة للمشجعين", في بداية الأمر تصورت أن الاتحاد الإماراتي وافق على إشهار الروابط الجماهيرية لكل ناد مثل الروابط الموجودة في مصر وتونس والتي ينضم إليها جمهور كل فريق لتشجيعه بشكل منظم خلال المباريات وإعداد "الدخلات" الجماهيرية في المباريات والأحداث الكبرى, والتي تعتبر أشهرها رابطة "ألتراس أهلاوي" الخاصة بجمهور النادي الأهلي المصري ورابطة "وايت نايتس" الخاصة بجمهور نادي الزمالك المصري, ورابطة محبي نادي النجم الساحلي التونسي ورابطة مشجعي الترجي الرياضي التونسي.
لكنني عندما قرأت تفاصيل الخبر فوجئت أن الأمر ليس كما تصورت, فالوكالة الألمانية قالت: "يعتزم الاتحاد الإماراتي لكرة القدم إشهار رابطة للمشجعين من أجل حل مشكلة عزوف الجماهير عن حضور مباريات الكرة على المستويين المحلى والدولي".
"ومن المقرر أن يجرى تكوين رابطة لكل إمارة لمساندة الأندية بالإضافة إلى مؤازرة المنتخبات الوطنية الإماراتية فى المشاركات الدولية".
"ويرجع تفكير الاتحاد الإماراتي في إنشاء هذه الروابط إلى ما تعانيه المسابقات الكروية الإماراتية من عزوفا جماهيرياً بسبب ثقافة المتابعة للقاءات عبر الشاشات في المقاهي، بالإضافة إلى ارتفاع درجتى الحرارة والرطوبة خلال فصل الصيف، ما يقف حائلا أمام التواجد فى المدرجات".
إلى هنا انتهت تفاصيل الخبر الذي نقلته إليكم بشكل حرفي كما بثته الوكالة.
تفكير الاتحاد الإماراتي في هذا الحل هو أمر رائع, ويدل على حرص الاتحاد ورئيسه محمد خلفان الرميثي على تطوير اللعبة وحث الجمهور على حضور المباريات سواء في البطولات المحلية أو الدولية أو مباريات المنتخب الإماراتي.
لكن المحزن في الأمر هو عزوف الجمهور عن حضور المباريات, وهو ما تجلى ظهوره خلال بطولة كأس العالم للأندية التي استضافتها الإمارات عامي 2009 و2010 بدلاً من اليابان, فرغم أن عدد مباريات البطولة قليل – 8 مباريات في كل بطولة - ويشارك فيها الفريق بطل بطولة دوري أبطال أوروبا, وخلال العامين الأخيرين شارك بها كل من برشلونة الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي على الترتيب بالإضافة إلى فريقي أهلي دبي والوحدة على الترتيب لكونهما أبطال الدوري الإماراتي في الموسمين الأخيرين, إلا أن البطولة في نسختيها لم تحظ بالحضور الجماهيري اللائق.
ويكفى القول إن مونديال الأندية بالإمارات العام الماضي شهد حضور 200,251 متفرجاً على مدار 8 مباريات أقيمت في البطولة, وفي بطولة 2009 شهدت البطولة حضور 156,350 متفرجاً على مدار 8 مباريات أيضاً, مقابل 355,515 متفرجاً في بطولة 2008, و315,279 متفرجاً في بطولة 2007, و325,152 متفرجاً في بطولة 2006, و261,456 في بطولة 2005, علماً بأن البطولات الأربع من 2005 حتى 2008 أقيمت باليابان في شهر ديسمبر الذي يشهد درجات حرارة تكون أعلاها 5 مئوية.
ولن اكتفى بمثال مونديال الأندية فقط, بل سأعرض مثالاً آخر, ففي عام 2003 استضافت الإمارات بطولة كأس العالم للشباب, وشهدت هذه البطولة حضوراً جماهيرياً بلغ 592.100 متفرجاً على مدار 52 مباراة بمعدل 11.397 مشجعاً للمباراة الواحدة, في المقابل, أقيمت نفس البطولة في مصر عام 2009, وشهدت حضوراً جماهيرياً بلغ 1.331.720 متفرجاً على مدار 52 مباراة أيضاً بمعدل 25,610 متفرجاً في المباراة الواحدة. وقد سجلت بطولة مصر 2009 رقماً قياسياً في عدد الحضور الجماهيري على مدار تاريخ بطولة مونديال الشباب.
ما أود الإشارة إليه هو أن الشعب الإماراتي الذي بلغ تعداده 4,975,593 ملايين نسمه في 2010 لا يضع كرة القدم في مقدمة اهتمامته, بل قد تميل اهتماماته إلى ألعاب أخرى يغلب عليها الطابع السياحي نوعاً ما مثل التنس, حيث تستضيف دبي واحدة من أنجح بطولات التنس في فبراير من كل عام, كذلك بطولة دبي العالمية للجولف والتي بلغ مجموع جوائزها 7,5 مليون دولار, بالإضافة إلى استضافة دبي لبطولة العالم للسباحة القصيرة "25 متراً" عام 2010. وهذا لا يقلل من اهتمامات الإمارات الرياضية - فاللعبة الشعبية الأولى في الولايات المتحدة الأمريكي هي البيسبول - بل هي نقطة تضاف إلى القائمين على الرياضة بالإمارات حيث نجحوا في تحويل بلادهم إلى عاصمة دولية لعدد من الرياضات, وكذلك تعتبر فكرة إنشاء الروابط الجماهيرية خطوة جيدة لاستقطاب المزيد من الجماهير نحو كرة القدم.
ما أخشاه فقط أن تتكرر هذه المشكلة مع قطر بعد نحو 11 عاماً خلال تنظيم بطولة كأس العالم عام 2022, وهي نفس المشكلة التي كانت تحاصر مونديال 2010 وتغلب عليها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" واللجنة المنظمة للبطولة بتخفيض أسعار التذاكر بشكل كبير, لذلك اقترح على اللجنة المنظمة لمونديال قطر الاستفادة من فكرة روابط الجماهير الإماراتية لزيادة قاعدة جمهور كرة القدم بقطر من الآن مع الوضع في الاعتبار أن هناك ملايين سيتوافدون إلى قطر لحضور المونديال ومؤزارة منتخباتهم وذلك حتى يخرج أول مونديال يقام على الأراضي العربية في أبهى حلة له, وحتى يتأكد من شككوا في قدرات قطر وطالبوا بتنظيم البطولة في الشتاء أنهم كانوا على