الأسس النظرية لحزب الفضيلة الإسلامي
منقول
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اصحاب الحسين وعلى انصار الحسين والشهداء بين يديه
كثرت التساؤلات عن حزب الفضيلة، متى تأسس ولماذا وماهي اهدافه وبرنامج عمله ومدى ارتباطه بالمرجعية والتزامه بمواقفها وماهي اسسه النظرية وغيرها مما سيتضح بإذن الله تعالى وقد وجدتان هذه فرصة مناسبة للإجابة عن هذه التساؤلات بعد التمهيد بعدة مقدمات مختصرة :
الأولى : ان تنظيم أمر الأمة في التشكيلات المؤسساتية التي تعتمد العمل المجموعي لا الفردي ضرورة اجتماعية يمليها تشعب الحاجات الإنسانية وتنوعها واحتياجها إلى التخصص من دون استغناء احدها عن الآخر فلا بد من انضمام الجهود بعضها إلى البعض في خلية واحدة ليتكامل العطاء وينضج ويكون فاعلاً ومؤثراً ومثمرا، وقد حث القرآن الكريم على مثل هذا العمل المنظم ودعا إلى تشكيل الجماعات، قال القرآن ((ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) وهذه الأمة التي يراد لها تحمل المسؤولية لها خصوصياتها وشروطها وأهدافها التي تسعى لتحقيقها وقد بينتّها آيات قرآنية عديدة.
وأوصى أمير المؤمنين (ع) في بعض كلماته بتقوى الله تبارك وتعالى ونظم أمر الأمة.
وهذه الضرورة تأكدت في المرحلة الراهنة لأن طبيعة العمل تقتضيها.
الثانية : إن العمل ضمن الإطار الحزبي يكون ايجابياً إذا كان نظيفاً في سلوكه وأهدافه أي من حيث النظرية والتطبيق بأن ينظر إلى الحزب على أنه قناة أو آلية للعمل البنّاء في سبيل الوصول إلى الأهداف الصحيحة لكنه أحياناً يقترن بالأخطاء حينما تنزل النظرية إلى حيز التطبيق كما أن خللاً ما قد يحصل في فهم النظرية أو برنامج العمل بسبب القصور أو التقصير في فهم مصادر التشريع وكيفية استفادة الأحكام منها، وهذا أحد الأسباب التي دعت عدداً من العلماء (قدس الله اسرارهم) إلى اتخاذ مواقف سلبية من الأحزاب فالأعتراض ليس على أصل التشكيل وإنما على الانحراف في الفهم والتطبيق، ثم إن انحرافاً آخر كثيراً ما يقترن بالعمل الحزبي وهو ظهور (الأنا) ا لحزبية فبدلاً من أن يعمل على تذويب الأنا الشخصية لمصلحة المبادئ العليا تراه يسقط في انانية جديدة هي التعصب للحزب، وقد عرف الإمام السجاد (ع) العصبية بأن ترى الرجل المفضول من قومك خيراً من الرجل الفاضل من غيرهم، وهذه العصبية هي التي تؤدي إلى التقاطع والتناحر والعداوات وما يستلزم ذلك من محرمات كبيرة كالافتراء والبهتان والكذب والغيبة والإساءة إلى المؤمنين وتشويه سمعتهم فلا يبقى لله تبارك وتعالى أي نصيب في العمل وإن حاول الحزبي المتعصب إقناع نفسه بغير ذلك، فلنجعل دعاء الإمام الحسين (ع) نصب أعيننا دائماً ((الهي خسرت صفقة عبدٍ لم تجعل له فيها من حبك نصيباً)) والأحزاب مبتلاة بهذا الداء فإنها تكافح من أجل أن تدفع بعناصرها إلى الواجهة وإن حصل لها العلم بوجود عناصر أفضل وأقدر على تحمل المسؤولية عند الآخرين فإذا أردنا أن نلتزم بقول القرآن ((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)) فإن الاستقامة تقتضي التجرد عن الإنانية والتعصب مع الاحتفاظ بالقناعة والإسلوب والنظرية اللتين تطمئن بسلامتهما ونظافتهما.
الثالثة : إن نظام الحكم في الإسلام يبتني على ولاية الفقيه الجامع للشرائط من الاجتهاد والعدالة والكفاءة فهو قمة الهرم في القرار وبيده خيوط السلطات وله مستشارون يرجع اليهم في تنقيح الأحكام وموضوعاتها وتهيئة مقدمات القرار له ويستمد مشروعيته من نيابته للإمام المعصوم (ع) بعد شهادة أهل الخبرة في هذا المجال باجتماع الشروط فيه وينزع عنه هذا القميص متى ابتعد عن هذه الشروط وزلت أقدامه والعياذ بالله، قال الإمام (ع) : (إذا رأيتم العالم مكباً على الدنيا فتهموه على دينكم).
وكذا إذا فقد الأهلية للقيام بمسؤوليات هذا الموقع الشريف وبالرغم من أن الحجة الشرعية قائمة على صحة هذا النظام إلا أن موانع عديدة تحول الآن عن السعي لتحقيقه على أرض الواقع ومنها باختصار ديمغرافية الشعب العراقي وتركيبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وتشتت مراكز القرار وسعة قاعدة المرجعيات التي لا تؤمن بهذا النظام وغيرها من الأسباب لذا فإن الخيار الاقرب للشرعية هو إجراء الانتخابات لاختيار ثلة تقوم بإدارة البلد ومستند هذه الشرعية تفويض الناخبين لهذه الثلة باعتبار أن الأصل عدم ولاية أحد على أحد إلا إذا فوضه بذلك ولكن مشروعيته تبقى مقيدة بحدود الشريعة الإلهية ولا يحق مخالفتها لإن الحاكمية لله تبارك وتعالى وحده وهو المصدر الوحيد للتشريع ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)). ((قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)) فحينما نطالب بالانتخابات لإدارة العملية السياسية فلابد ان نلتفت إلى هذه الحقيقة المهمة بأن هذه الطريقة ليست هي القاعدة في حكم الأمة المسلمة وانما هي الاستثناء الذي يلجأ اليه عند وجود المانع من اجراء القاعدة كأكل الميتة الذي يحل عند الضرورة وحليته هذه لا تعني إن حكم الميتة ذلك بالعنوان الأولي بل بالعنوان الثانوي وإدراك هذه الحقيقة مهم وضروري لكي لا تختلط علينا الأمور وتضيع معالم شخصيتنا وهويتنا الإسلامية العظيمة التي شيد أركانها أهل البيت (ع) وننساق وراء الإطروحات الغربية البراقة.
الرابعة : إن هذا النمط من العمل السياسي أعني التداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع يتطلب أن يكون لأبناء الشعب واجهات أو عناوين تعبر عن آمالهم وتطالب بحقوقهم وتسعى لتحقيق طموحاتهم وتدخل نيابة عنهم في كل التفاصيل العملية السياسية ابتداءاً من المجالس البلدية إلى البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية وقد تتعدد هذه الواجهات بحسب تعدد القناعات بها.
الخامسة : مع احترامنا الكبير للجهات السياسية التي تساهم بإخلاص في بناء عراق حر كريم إلا أنها غير مستوعبة لتوجهات كل الشعب وحائزة على قناعته فتوجد شرائح أخرى من المجتمع غير منتمية لها ولا يمكن تجاهلها وإهمال دورها في بناء العراق الجديد.
فمن هنا نشأت الحاجة إلى انبثاق حزب من هذه الشريحة يمثلها ويتحدث باسمها إلا أنه لا ينغلق عليها بل هو منفتح لكل من يؤمن بأهدافه ويقتنع ببرنامج عمله ويكون دور هذا الحزب مكملاً لفعاليات الجهات الأخرى وسانداً لها وعاملاً معها لتحقيق الأهداف المشتركة وليس بديلاً عنها ولا لاغياً لدورها أو مزاحماً لها ويكون الجميع كالروافد التي تلتقي على نهر واحد، فنحن ننظر إلى الأحزاب والحركات المخلصة على أنها رؤى متعددة وآليات متعددة في العمل إلا أنها تصب في هدف واحد هو رضا الله تبارك وتعالى وصلاح الأمة وبناء البلد وعلى هذا الأساس فستكون العلاقة بينهم جميعاً متصفة بالتآلف والتآزر والتنسيق والتشاور.
هذه هي الحاجة لتشكيل حزب الفضيلة وهذه اسسه النظرية وعلاقته مع الآخرين وقد سارعنا إلى جمع عدد من النخب المثقفة والكوادر المتخصصة في العمل السياسي والفكري والإداري والاجتماعي بعد سقوط الطاغية بأيام وهم ممن تعرفنا عليهم وعملوا معنا قبل سقوط الطاغية بسنين وكنا نعدهم لمثل هذه المرحلة ونأمل منهم وممن التحق بهم خير كثيراً.
وقد وضعت لهم الخطوط العريضة لعملهم وأوضحت شكل علاقتهم مع المرجعية الشريفة والمعالم العامة لأهدافهم والتي لخصتها بما يلي :
1ـ نشر الفضيلة في المجتمع ومنع الفساد والانحراف.
2ـ ايصال العناصر الكفوءة والنزيهة إلى المواقع المسؤولة في إدارة البلد على جميع المستويات.
3ـ الارتقاء بمستوى الوعي والثقافة والعلم لدى أبناء المجتمع.
4ـ تحقيق العدالة في الأمة واستقرار الأمن وإنعاش الوضع الاقتصادي.
5ـ الحفاظ على وحدة البلد وتركيبته الاجتماعية واستقلاله.
6ـ توفير الحقوق والحريات لجميع فئات الشعب وطوائفه وأعراقه بما لا ينافي الفقرات أعلاه.
7ـ وضع دستور للبلد يضمن النقاط أعلاه ولا يتقاطع مع الشريعة.
8ـ الحوار مع جميع التيارات الممثلة لفئات الشعب والانفتاح عليها.
9ـ تنسيق المواقف تجاه القضايا العامة مع الأحزاب والحركات الإسلامية.
إن أختيار (الفضيلة) عنواناً له جاء منسجماً مع أهدافه وطبيعة الصراع الجاري في هذه المرحلة فإن الحكومات الغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية جاءت إلى هنا لتنفذ بنفسها المشروع الذي وضعته لتغيير المعالم الثقافية والأخلاقية والعقائدية والسلوكية وإلحاقها بالنموذج الغربي الذي نختلف معه في أسسه الحضارية ومنطلقاته الفكرية وأهدافه وغاياته وقد اعترفوا بأنهم جاءوا ليخوضوا (صراع حضارات) وماذا تعني حضارتهم ـ بغض النظر عن التطور العلمي والتكنولوجي ـ غير الظلم والفساد والانحراف والرذيلة حتى باتوا يئنون من ويلاتها وآلامها وغرقوا في رعب وخوف من مصيرهم المشؤوم الذي سيحل بهم عن قريب بل أنهم بدؤوا يذوقون مقدماته فمرض الأيدز يفتك بحياة ( ملايين سنوياً وعجزوا عن الحد من استفحاله فضلاً عن مقاومته والقضاء عليه.
أما حضارتنا فيمكن تلخيصها بالفضيلة في العقيدة والسلوك والأخلاق.
ولكي لا أطيل عليكم فإني أحيلكم لمعرفة تفاصيل هذه الأفكار وغيرها إلى عدة من اصداراتنا ككتاب (نحن والغرب) الذي يصور طبيعة الصراع بين الإسلام والغرب وماهو تكليفنا فيه وكتاب (خطاب المرحلة) بأجزاءه لزيادة الوعي باستحقاقات هذه المرحلة وكتاب (المعادل الموضوعي) الذي شرح فيه الاستاذ احسان العارضي أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الأسس النظرية للحضارتين الإسلامية والغربية وأهدافهما وخصائص النموذج الإسلامي المعادل والمقابل للنموذج الغربي وكتاب (نظام الحكم المناسب في العراق) للاستاذ الدكتور نديم الجابري الامين العام لحزب الفضيلة.
وقد اشتركت كوادر الحزب مع فضلاء الحوزة العلمية باشراف المرجعية في تقديم اعمال ناضجة كمشروع الحل السياسي للمرحلة الانتقالية الذي انجز قبل تأسيس مجلس الحكم وهو مشروع مفصل يقدم الحل عبر مراحل تضمنت خطوات العمل حتى توقيتات هذه المرحلة وكان يمكنه لو اخذ به ان يعجل بتصحيح الوضع السياسي القائم الا انهم بعد عدة أشهر من المعانات والخسائر اخذوا ببعضه وافرغوا البعض الاخر من محتواه بما يعرف باتفاق 15 تشرين الثاني واشتركوا أيضاً في اجراء استطلاع للرأي حول عدد من القضايا السياسية المهمة تضمن (19) سؤالا مع مقدمات تعريفية بالافكار المستفتى عنها.
منقول
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اصحاب الحسين وعلى انصار الحسين والشهداء بين يديه
كثرت التساؤلات عن حزب الفضيلة، متى تأسس ولماذا وماهي اهدافه وبرنامج عمله ومدى ارتباطه بالمرجعية والتزامه بمواقفها وماهي اسسه النظرية وغيرها مما سيتضح بإذن الله تعالى وقد وجدتان هذه فرصة مناسبة للإجابة عن هذه التساؤلات بعد التمهيد بعدة مقدمات مختصرة :
الأولى : ان تنظيم أمر الأمة في التشكيلات المؤسساتية التي تعتمد العمل المجموعي لا الفردي ضرورة اجتماعية يمليها تشعب الحاجات الإنسانية وتنوعها واحتياجها إلى التخصص من دون استغناء احدها عن الآخر فلا بد من انضمام الجهود بعضها إلى البعض في خلية واحدة ليتكامل العطاء وينضج ويكون فاعلاً ومؤثراً ومثمرا، وقد حث القرآن الكريم على مثل هذا العمل المنظم ودعا إلى تشكيل الجماعات، قال القرآن ((ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)) وهذه الأمة التي يراد لها تحمل المسؤولية لها خصوصياتها وشروطها وأهدافها التي تسعى لتحقيقها وقد بينتّها آيات قرآنية عديدة.
وأوصى أمير المؤمنين (ع) في بعض كلماته بتقوى الله تبارك وتعالى ونظم أمر الأمة.
وهذه الضرورة تأكدت في المرحلة الراهنة لأن طبيعة العمل تقتضيها.
الثانية : إن العمل ضمن الإطار الحزبي يكون ايجابياً إذا كان نظيفاً في سلوكه وأهدافه أي من حيث النظرية والتطبيق بأن ينظر إلى الحزب على أنه قناة أو آلية للعمل البنّاء في سبيل الوصول إلى الأهداف الصحيحة لكنه أحياناً يقترن بالأخطاء حينما تنزل النظرية إلى حيز التطبيق كما أن خللاً ما قد يحصل في فهم النظرية أو برنامج العمل بسبب القصور أو التقصير في فهم مصادر التشريع وكيفية استفادة الأحكام منها، وهذا أحد الأسباب التي دعت عدداً من العلماء (قدس الله اسرارهم) إلى اتخاذ مواقف سلبية من الأحزاب فالأعتراض ليس على أصل التشكيل وإنما على الانحراف في الفهم والتطبيق، ثم إن انحرافاً آخر كثيراً ما يقترن بالعمل الحزبي وهو ظهور (الأنا) ا لحزبية فبدلاً من أن يعمل على تذويب الأنا الشخصية لمصلحة المبادئ العليا تراه يسقط في انانية جديدة هي التعصب للحزب، وقد عرف الإمام السجاد (ع) العصبية بأن ترى الرجل المفضول من قومك خيراً من الرجل الفاضل من غيرهم، وهذه العصبية هي التي تؤدي إلى التقاطع والتناحر والعداوات وما يستلزم ذلك من محرمات كبيرة كالافتراء والبهتان والكذب والغيبة والإساءة إلى المؤمنين وتشويه سمعتهم فلا يبقى لله تبارك وتعالى أي نصيب في العمل وإن حاول الحزبي المتعصب إقناع نفسه بغير ذلك، فلنجعل دعاء الإمام الحسين (ع) نصب أعيننا دائماً ((الهي خسرت صفقة عبدٍ لم تجعل له فيها من حبك نصيباً)) والأحزاب مبتلاة بهذا الداء فإنها تكافح من أجل أن تدفع بعناصرها إلى الواجهة وإن حصل لها العلم بوجود عناصر أفضل وأقدر على تحمل المسؤولية عند الآخرين فإذا أردنا أن نلتزم بقول القرآن ((فاستقم كما أمرت ومن تاب معك)) فإن الاستقامة تقتضي التجرد عن الإنانية والتعصب مع الاحتفاظ بالقناعة والإسلوب والنظرية اللتين تطمئن بسلامتهما ونظافتهما.
الثالثة : إن نظام الحكم في الإسلام يبتني على ولاية الفقيه الجامع للشرائط من الاجتهاد والعدالة والكفاءة فهو قمة الهرم في القرار وبيده خيوط السلطات وله مستشارون يرجع اليهم في تنقيح الأحكام وموضوعاتها وتهيئة مقدمات القرار له ويستمد مشروعيته من نيابته للإمام المعصوم (ع) بعد شهادة أهل الخبرة في هذا المجال باجتماع الشروط فيه وينزع عنه هذا القميص متى ابتعد عن هذه الشروط وزلت أقدامه والعياذ بالله، قال الإمام (ع) : (إذا رأيتم العالم مكباً على الدنيا فتهموه على دينكم).
وكذا إذا فقد الأهلية للقيام بمسؤوليات هذا الموقع الشريف وبالرغم من أن الحجة الشرعية قائمة على صحة هذا النظام إلا أن موانع عديدة تحول الآن عن السعي لتحقيقه على أرض الواقع ومنها باختصار ديمغرافية الشعب العراقي وتركيبة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وتشتت مراكز القرار وسعة قاعدة المرجعيات التي لا تؤمن بهذا النظام وغيرها من الأسباب لذا فإن الخيار الاقرب للشرعية هو إجراء الانتخابات لاختيار ثلة تقوم بإدارة البلد ومستند هذه الشرعية تفويض الناخبين لهذه الثلة باعتبار أن الأصل عدم ولاية أحد على أحد إلا إذا فوضه بذلك ولكن مشروعيته تبقى مقيدة بحدود الشريعة الإلهية ولا يحق مخالفتها لإن الحاكمية لله تبارك وتعالى وحده وهو المصدر الوحيد للتشريع ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)). ((قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)) فحينما نطالب بالانتخابات لإدارة العملية السياسية فلابد ان نلتفت إلى هذه الحقيقة المهمة بأن هذه الطريقة ليست هي القاعدة في حكم الأمة المسلمة وانما هي الاستثناء الذي يلجأ اليه عند وجود المانع من اجراء القاعدة كأكل الميتة الذي يحل عند الضرورة وحليته هذه لا تعني إن حكم الميتة ذلك بالعنوان الأولي بل بالعنوان الثانوي وإدراك هذه الحقيقة مهم وضروري لكي لا تختلط علينا الأمور وتضيع معالم شخصيتنا وهويتنا الإسلامية العظيمة التي شيد أركانها أهل البيت (ع) وننساق وراء الإطروحات الغربية البراقة.
الرابعة : إن هذا النمط من العمل السياسي أعني التداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع يتطلب أن يكون لأبناء الشعب واجهات أو عناوين تعبر عن آمالهم وتطالب بحقوقهم وتسعى لتحقيق طموحاتهم وتدخل نيابة عنهم في كل التفاصيل العملية السياسية ابتداءاً من المجالس البلدية إلى البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية وقد تتعدد هذه الواجهات بحسب تعدد القناعات بها.
الخامسة : مع احترامنا الكبير للجهات السياسية التي تساهم بإخلاص في بناء عراق حر كريم إلا أنها غير مستوعبة لتوجهات كل الشعب وحائزة على قناعته فتوجد شرائح أخرى من المجتمع غير منتمية لها ولا يمكن تجاهلها وإهمال دورها في بناء العراق الجديد.
فمن هنا نشأت الحاجة إلى انبثاق حزب من هذه الشريحة يمثلها ويتحدث باسمها إلا أنه لا ينغلق عليها بل هو منفتح لكل من يؤمن بأهدافه ويقتنع ببرنامج عمله ويكون دور هذا الحزب مكملاً لفعاليات الجهات الأخرى وسانداً لها وعاملاً معها لتحقيق الأهداف المشتركة وليس بديلاً عنها ولا لاغياً لدورها أو مزاحماً لها ويكون الجميع كالروافد التي تلتقي على نهر واحد، فنحن ننظر إلى الأحزاب والحركات المخلصة على أنها رؤى متعددة وآليات متعددة في العمل إلا أنها تصب في هدف واحد هو رضا الله تبارك وتعالى وصلاح الأمة وبناء البلد وعلى هذا الأساس فستكون العلاقة بينهم جميعاً متصفة بالتآلف والتآزر والتنسيق والتشاور.
هذه هي الحاجة لتشكيل حزب الفضيلة وهذه اسسه النظرية وعلاقته مع الآخرين وقد سارعنا إلى جمع عدد من النخب المثقفة والكوادر المتخصصة في العمل السياسي والفكري والإداري والاجتماعي بعد سقوط الطاغية بأيام وهم ممن تعرفنا عليهم وعملوا معنا قبل سقوط الطاغية بسنين وكنا نعدهم لمثل هذه المرحلة ونأمل منهم وممن التحق بهم خير كثيراً.
وقد وضعت لهم الخطوط العريضة لعملهم وأوضحت شكل علاقتهم مع المرجعية الشريفة والمعالم العامة لأهدافهم والتي لخصتها بما يلي :
1ـ نشر الفضيلة في المجتمع ومنع الفساد والانحراف.
2ـ ايصال العناصر الكفوءة والنزيهة إلى المواقع المسؤولة في إدارة البلد على جميع المستويات.
3ـ الارتقاء بمستوى الوعي والثقافة والعلم لدى أبناء المجتمع.
4ـ تحقيق العدالة في الأمة واستقرار الأمن وإنعاش الوضع الاقتصادي.
5ـ الحفاظ على وحدة البلد وتركيبته الاجتماعية واستقلاله.
6ـ توفير الحقوق والحريات لجميع فئات الشعب وطوائفه وأعراقه بما لا ينافي الفقرات أعلاه.
7ـ وضع دستور للبلد يضمن النقاط أعلاه ولا يتقاطع مع الشريعة.
8ـ الحوار مع جميع التيارات الممثلة لفئات الشعب والانفتاح عليها.
9ـ تنسيق المواقف تجاه القضايا العامة مع الأحزاب والحركات الإسلامية.
إن أختيار (الفضيلة) عنواناً له جاء منسجماً مع أهدافه وطبيعة الصراع الجاري في هذه المرحلة فإن الحكومات الغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية جاءت إلى هنا لتنفذ بنفسها المشروع الذي وضعته لتغيير المعالم الثقافية والأخلاقية والعقائدية والسلوكية وإلحاقها بالنموذج الغربي الذي نختلف معه في أسسه الحضارية ومنطلقاته الفكرية وأهدافه وغاياته وقد اعترفوا بأنهم جاءوا ليخوضوا (صراع حضارات) وماذا تعني حضارتهم ـ بغض النظر عن التطور العلمي والتكنولوجي ـ غير الظلم والفساد والانحراف والرذيلة حتى باتوا يئنون من ويلاتها وآلامها وغرقوا في رعب وخوف من مصيرهم المشؤوم الذي سيحل بهم عن قريب بل أنهم بدؤوا يذوقون مقدماته فمرض الأيدز يفتك بحياة ( ملايين سنوياً وعجزوا عن الحد من استفحاله فضلاً عن مقاومته والقضاء عليه.
أما حضارتنا فيمكن تلخيصها بالفضيلة في العقيدة والسلوك والأخلاق.
ولكي لا أطيل عليكم فإني أحيلكم لمعرفة تفاصيل هذه الأفكار وغيرها إلى عدة من اصداراتنا ككتاب (نحن والغرب) الذي يصور طبيعة الصراع بين الإسلام والغرب وماهو تكليفنا فيه وكتاب (خطاب المرحلة) بأجزاءه لزيادة الوعي باستحقاقات هذه المرحلة وكتاب (المعادل الموضوعي) الذي شرح فيه الاستاذ احسان العارضي أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الأسس النظرية للحضارتين الإسلامية والغربية وأهدافهما وخصائص النموذج الإسلامي المعادل والمقابل للنموذج الغربي وكتاب (نظام الحكم المناسب في العراق) للاستاذ الدكتور نديم الجابري الامين العام لحزب الفضيلة.
وقد اشتركت كوادر الحزب مع فضلاء الحوزة العلمية باشراف المرجعية في تقديم اعمال ناضجة كمشروع الحل السياسي للمرحلة الانتقالية الذي انجز قبل تأسيس مجلس الحكم وهو مشروع مفصل يقدم الحل عبر مراحل تضمنت خطوات العمل حتى توقيتات هذه المرحلة وكان يمكنه لو اخذ به ان يعجل بتصحيح الوضع السياسي القائم الا انهم بعد عدة أشهر من المعانات والخسائر اخذوا ببعضه وافرغوا البعض الاخر من محتواه بما يعرف باتفاق 15 تشرين الثاني واشتركوا أيضاً في اجراء استطلاع للرأي حول عدد من القضايا السياسية المهمة تضمن (19) سؤالا مع مقدمات تعريفية بالافكار المستفتى عنها.